لم يعد انقطاع المياه في بلدية كرمسين مجرّد خلل فني أو إداري، بل أصبح عنوانًا لصراع سياسي مكشوف. في كل مرة ترتفع فيها أصوات المواطنين المتضررين من العطش، يجد الخطاب السياسي طريقه سريعًا إلى الأزمة. المعارضة ترى في المشكلة فرصة لكشف تقصير المنتخبين ، بينما ترد السلطة المحلية بأن الضجة “مفتعلة” ومحركة من خلف الستار الانتخابي.
هذا التراشق يُقصي جوهر القضية: أن هناك مواطنًا بلا ماء. ما بين تبادل الاتهامات وتدوير الخطاب، تضيع المطالب الأساسية، ويتحوّل الحق في الماء من ملف خدمي إلى ملف تصفية حسابات. والخاسر الوحيد؟ المواطن العطِش.
تُظهر أزمة انقطاع المياه في عدد من الأحياء التابعة لبلدية كرمسين نمطًا مألوفًا في المشهد السياسي حيث تتحول المطالب الخدمية إلى أدوات خطابية داخل لعبة الصراع بين المنتخبون والمعارضة. في هذا السياق، يصبح “العطش” رمزًا مزدوجًا: حاجة بيولوجية وإنسانية من جهة، ورمزًا للتقصير أو الفشل السياسي من جهة أخرى.
التسييس يُنتج حالة من الضبابية بين الحق المدني المشروع، والخطاب السياسي المؤدلج، ما يؤدي إلى إضعاف إمكانية مساءلة حقيقية، ويشوّش على أولويات التنمية العادلة.
نقف اليوم أمام أزمة ليست جديدة، لكنها باتت أكثر وضوحًا: أزمة الماء في بعض أحياء البلدية . ما يجب أن يكون نقاشًا خدميًا شفافًا، تحوّل مؤخرًا إلى ساحة تراشق سياسي. لا يمكننا أن نسمح بتحويل معاناة المواطن إلى ورقة ضغط، أو بتجاهل صوته بحجة الدوافع السياسية.
الماء ليس ترفًا، وليس شعارًا سياسيًا. إنه حق إنساني، وضرورة يومية. لذا فإن واجبنا، كمسؤولين وممثلين للمجتمع، أن نعيد توجيه النقاش نحو جوهره: كيف نضمن وصول الماء لكل بيت؟ كيف نحاسب عند التقصير؟ وكيف نمنع تكرار هذه الأزمة؟
دعونا نُعيد للملف الخدمي طابعه الحقيقي: خدمة الناس، لا تسجيل النقاط.
اخوكم الشيخ المستعين أحميادة
عمدة بلدية كرمسين